هذه نسخة عن نتيجة الحوار الأدبي الذي أجرته الطالبات على : ( منتديات دوح الأدب والنقد)
مع الدكتور/ محمد بكر سلمي حول التقرير المطلوب لمادة الأدب العباسي + عباسي1
ملحوظة : جميع الأوراق المسحوبة عشوائياً عن الإنترنت إن لم تفي بخطوات التقرير مرفوضة ، ولا درجة لها ، ( هذه الملحوظة يقصد بها كثير من الطالبات اللاتي قدمن أوراقهن )
أولاً :
يتمحور التقرير حول النقاط الآتية :
• شعر مروان بن أبي حفصة وقيمته الفنية قبل العصر العباسي .
• السبب الحقيقي لاتصال الشاعر بيونس بن حبيب النحوي.
• محاولات المستشرقين لتشويه هذا اللقاء.
• دعوات بعض النقاد العرب المحدثين للأخذ بآراء المستشرقين .
• الرد على محاولات المستشرقين وبيان فسادها ؛ وذلك بتوضيح الأبعاد التاريخية للقضية.
ثانياً :
خطوات كتابة التقرير
1ــ نحدد عنوان التقرير.
2ــ نحدد العناصر أو الخطوات أو الأفكار المطروحة .
3ــ نجمع المعلومات حول كل عنصر .
4ــ نرتب المعلومات ترتيباً يظهر تسلسلها .
5ــ نربط بين المعلومات بحيث تكون كل معلومة كالمقدمة لتاليها ، وكالنتيجة المكملة لسابقتها .
6ــ نعزز المعلومة بالشواهد .
7ــ تظهر شخصية الباحث ، ويحدد قيمة تقريره من خلال :
أ ــ الدقة في ترتيب المعلومة .
ب ــ الربط بين العناصر بالألفاظ المناسبة والمعبرة .
ج ــ الإيجاز غير المخل ، وإن احتاج إلى الإطناب أو الشرح فليكن غير ممل .
لا ينظر إلى عدد الصفحات إلا بالقدر الذي يوفي التقرير حقه ، وأسلوب الكاتب هو الذي يحدد عدد الصفحات فإذا كانت العبارة موجزة ومعبرة ، وكان الشاهد مختار بعناية ، تكفي الصفحة أو الصفحتين ،
ثالثاً :
قال مروان بن أبي حفصة في رثاء معن بن زائدة الشيباني :
أقمنـــا باليمامة بعد معن مقاماً لا نريــــد به زوالا
وقلنا أين نرحل بعد معن فقد ذهب النوال فلا نوالا
وقال مروان بن أبي حفصة في مدحه للمهدي :
هل تطمسون من السماء نجومها بأكفكم أم تسترون هلالها
أم تجحدون مقالــــــــة من ربكـم جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفـــال آخـــــر آيـة بتراثهم فأردتم إبطالهــــا
ومدح المهدي أيضاً بقصيدته الميمية التي يقول فيها :
أنَّى يكون وليس ذاك بكائــن لبني البنات وراثة الأعمام
ما للنساء مع الرجال فريضة نزلت بذلك سورة الأنعام
وأنشد الرشيد قصيدته الرائية التي يقول فيها :
أمور بميراث النبي وليتهـــــــــا فأنت لها بالحزم طاوٍ وناشــــــــر
أبوك ولى المصطفى دون هاشم وإن رغمت من حاسديك المناخـر
أعطاه خمسة آلاف دينار , فقبضها بين يديه , وكساه خلعةً , وأمر له بعشرة من رقيق الروم , وحمله على برذون من خاص مراكبه .
رابعاً :
لقد مضى مروان بن أبي حفصة بلاميته مدوِّية رائعة ، ساحرة ، حتى إذا انتهى إلى الاحتجاج ، خرج بها إلى الفقه ! فهبط بها معنى وأسلوبا ، وفقد كل أثر شعرى كانت تزخر به قصيدته قبل ذلك ، ولكي تلمس اختلاف وفقد كل أثر شعري كانت تزخر به قصيدته قبل ذلك ، ولكي تلمس اختلاف النسق واضحا ، استمع إلى ما سبق الاحتجاج ، قال :
أحيا أميرُ المؤمنين محمد = سنن النبي: حرامها وحلالها
ملك تفرّع من ذؤابة هاشم = مدَّ الإلهُ على الأنام ظلالها
ثبت على زلل الحوادث راكب = من صرفهن لكل حال حالها
كلتا يديك جعلت فضل نوالها = للمسلمين، وللعدوّ وبالها
هل تطمسون من السماء نجومها = بأكفكم أم تسترون هلالها؟
أم تجحدون مقالة من ربكم = جبريل بلغها النبي فقالها؟
شهدت من الأنفال آخر آية = بتراثهم، فاردتمو إبطالها
أنظر كيف هبط الشعر هبوطاً واضحا في البيتين الأخيرين ; هبط في المعنى ، إذ هو معنى علمي جاف ، وهبط في اللفظ ، فأسلوبه أسلوب مفكك مضطرب الضمائر، قافيته "إبطالها" وهي كلمة فقيه ، لا كلمة شاعر! ثم أيّ آية لم يبلغها جبريل النبي فيقولها ، حتى يحتاج الناس إلى أن يعرفوا أن جبريل بلغها النبي ، وأن النبي قالها ، إننا نعرف أن جبريل بلغ النبي كل آية ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغها ! وقالها !
أما أبياته في القصيدة الأخرى ، فهي مسألة من "مسائل علم الميراث" . وما أهون الخلافة إذا دخلت في "علم الميراث" . وصلى اللّه وسلم على من قال: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث"..
خامساً :
طرف من أخبار مروان بن أبي حفصة مع الخلفاء العباسيين
أخبارمروان بن أبي حفصة في العصر العباسي كثيرة ، وهي تدل على أنه لم يقصد أبا العباس عبد الله بن محمد السفاح (132-136هـ) ، ولا أبا جعفر المنصور (136-158هـ) ، وإن كان فكر في الوفود على الأخير ، غير أن المنية عاجلته فلم يمدحه .
على أنه أخذ في هذه الفترة يتردد على عمال المنصور ، وخاصة السرى بن عبد الله ابن الحارث بن العباس والى مكة (142-146هـ) ، ومعن بن زائدة الشيباني والي اليمن ، الذي أستفرغ شعره في مدحه ، ونال من جوائزه وصلاته مالاً لا يحصى كثرة.
ولما بويع المهدى (158-169هـ) وفد عليه وامتدحه ، ولم يزل يقصده في العام بعد العام ، ويقلده مدائحه ويحظى بهباته الغامرة حتى توفي ، فتحول الى مديح الهادي (169-170هـ) ، ثم الى مديح هارون الرشيد (170-193هـ) ، ويقال أنهم جميعاً راجعوه في مديحه لمعن بن زائده الشيباني ورثائه له ، وتحاموه في أول الأمر ، ولم يلبث أن تمكن من التقرب إليهم ، والخطوة عندهم ، مستولياً على أفئدتهم بدفاعه عنهم واحتجاجه لهم ، حتى كان رسمهم أن يعطوه بكل بيت يمدحهم به ألف درهم .
سادساً :
بيان ما في أبيات مروان بن أبي حفصة من الإيغال
أولاً : ما هو الإيغال ؟من أنواع البديع : الإيغال قال قدامة بجعفر :
الإيغال : هو أن يستكمل الشاعر معنى بيته بتمامه قبل أن يأتي بقافيته ، فإذا أراد الإتيان بها ليكون الكلام شعرا أفاد بها معنى زائدا على معنى البيت .
وقال عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن أبي الإصبع :
سمى هذا النوع إيغالا ، لأن المتكلم أو الشاعر أوغل في الفكر حتى استخرج سجعة أو قافية تفيد معنى زائدا على معنى الكلام.
وأصله من الإيغال في السير وهو السرعة ، فإن الإيغال في السير يدخل السائر في المكان الذي يقصده بسرعة، يقال : أوغل في الأرض الفلانية أي بلغ منتهاها ، أو ما قاربه فكأن المتكلم قد تجاوز حد المعنى الذي هو آخذ فيه ، وبلغ إلى زيادته عن الحد ، كما أن من دخل العريش مثلا من أرض مصر فقد دخل مصر ، فإذا أوغل في مصر فوصل إلى الصعيد يقال : قد أوغل في مصر لتجاوزه الحد بالزيادة عليه ، فكذلك المتكلم إذا تم معناه ثم تعداه عند الإتيان بسجعة أو قافية بزيادة عليه ، فقد أوغل في ذلك المعنى ، ولا يكون موغلا حتى ينتهي معناه إلى آخر البيت .
وقد حكى عن الأصمعي :
أنه سئل عن أشعر الناس فقال : الذي يأتي إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه كبيرا ، وإلى الكبير فيجعله خسيسا أو ينقضي كلامه قبل القافية ، فإن احتاج إليها أفاد بها معنى، فقيل له : نحو من ؟ فقال : نحو الفاتح لأبواب المعاني امرئ القيس حيث قال طويل:
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
فإنه انقضى كلامه عند قوله : " الجزع " ثم أفاد بالقافية معنى زائدا ، إذ قال: " لم يثقب " لأن عيون البقر غير مثقبة.
ثانياً : إيغال مروان بن أبي حفصة ( شرح وبيان )
قال ابن أبي الإصبع :
ولقد أحسن ابن المعتز في قوله لابن طباطبا العلوي متقارب:
فأنتم بنو بنته دوننا ... ونحن بنو عمه المسلم
فإنه أعطى بني عمه حقهم من الشرف ، واعترف لهم من فضل الأبوين بما اعترف ، ثم فطن إلى أنه إن اقتصر على ذلك فضلهم على بنته، فتحيل على المساواة، إذ لا طريق له إلى التفضيل بأن قال:
ونحن بنو عمه المسلم
فجعل هذا الفضيلة قبالة تلك ، وهذا القسم من الإيغال يحسن أن يسمى إيغال التخيير ، فإنه تخير من القوافي التي تفيد الإيغال قافية يكون ما تفيده موفيا بمقصوده من غير معارضة ، فإنه لو قال : " بنو عمه الأفضل " لكونه مسلما لعورض بحمزة رضي الله عنه ، وهو إيغال الاحتياط ، لكونه تتميما للمعنى ؛ وقد ذهب بعض النقاد إلى أنه بهذا الإيغال أراد الاستدلال على استحقاق بني العباس الخلافة وسوى بين بيته ، وبيت مروان بن أبي حفصة وهو قوله كامل:
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
وبين البيتين بون بعيد في الجودة وصحة المعنى ، فإن بيت ابن المعتز آصر وزنا وأصح معنى ، وأعذب ألفاظا ، وأوجز جملا ، وأخف محملا مع ما وقع فيه من التلطف لبلوغ الغرض من غير مجاهرة بلفظ ولا مواجهة بمضض ، فأما صحة معناه بالنسبة إلى بيت مروان فمن جهة أن مروان زعم أن بني الأعمام أحق بالفضل من بني البنات . فأخذ بعموم هذا الاستدلال ، وذهل عن أن هذه القضية التي هو آخذ فيها خارجة من هذا العموم ، لأن بني علي بنو بنات وبنو أعمام ، وما ذكره مروان لا يتناول إلا من لم يكونوا بني أعمام من بني البنات ، فأما من لم يمت بالقربة من طرفيه ويدلي بالاستحقاق من جهة أبويه، فخارج عما ذكر ، ولا يقال هذا ما يرد على مروان ، لأنه صرح بالإرث، ولا الأعمام أحق بالإرث من بني البنات، فإني أقول : إن لم يرد بالإرث الفضل فكلامه محال ، إذ لا يصح أن يريد إرث المال ولا إرث الخلافة ، أما المال فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث، وسيأتي بيان ذلك.
وأما الخلافة ، فلأن الخلافة لو كانت بالإرث لما وصلت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما قبل العباس رضي الله عنه فإذا أحسن الظن بمروان حمل قوله وراثة الأعمام على وراثة الفضل ، وحينئذ يأتي ما ذكرناه ، ولم يرد بالأعمام إلا بني الأعمام ، وببني البنات إلا بني علي رضي الله عنهم فإنه مدح بالقصيدة الرشيد، وعرض بيحيى بن عبد الله بن الحسن بن علي ، والأول بنو أعمام فقط ، والأخر بنو أعمام وبنو بنات ، فكانت للأول مزية لم تكن للأخر، قابلها ابن المعتز بأن أباه بنو العم المسلم فكانت هذه بتلك ، فحصلت المساواة ، فثبت الفضل لبيته على بيت مروان وما يستكثر مثل هذا الجهل من مروان وهو يقول في هذه الأبيات للرشيد كامل:
يا بن الذي ورث النبي محمدا ... دون الأقارب من ذوي الأرحام
فليت شعري ما الذي ورثه العباس رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ذوي رحمه ، وكيف يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يورث ؟ وهذا أفضل الصحابة وأفقههم يحتج على فاطمة عليها السلام في أمر فدك والعوالي، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يورث فلم منعت فاطمة ما ادعت وإن كان لا يورث فلم يدعي هذا الجاهل أن العباس رضي الله عنه ورثه دون ذوي رحمه؟ وأصل الحديث يروون أن أبا بكر رضي الله عنه أعطى عليا عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه دون العباس ، ثم لم يقنع مروان بهذا حتى قال : كامل:
ما للنساء مع الرجال فريضة ... نزلت بذلك سورة الأنعام
فما أدري على ماذا أحسده ، أعلى معرفته بالفرائض ، أم على حفظه للقرآن ؟ وما أعلم من أين في سورة الأنعام ذكر شيء من الفرائض ، أو حكم من أحكام المواريث ، أو ذكر نسب أو شيء مما يقارب هذا الشأن ، وليتني أعرف في أي موضع من القرآن ذكر أن النساء لا فريضة لهن مع الرجال ؟ ومن يقع في مثل هذا لا يستعظم منه خطؤه في البيت الذي ذكرناه له أولا ، هذا الفساد من جهة المعنى.
وأما ترجيح اللفظ فإن بيت ابن المعتز من محذوف المتقارب ، حروفه ستة وثلاثون حرفا ، وبيت مروان من مقطوع الكامل ، حروفه اثنان وأربعون حرفا ، إلى سهولة سبكه ، وجودة تركيبه ، وإيجاز جمله وخفة مفرداته ، وكثرة استعمال كلماته ، " فاعتبروا يا أولي الأبصار " .
سابعاً :
(الإيغال نوع من أنواع البديع ، وقد ناقش ابن أبي الإصبع المسائل الفقهية وبين فساد الاستشهاد بها في أبيات مروان وذلك من خلال شرحه للإيغال في أبيات مروان بن أبي حفصة ) ، مثل هذه العبارة تذكر عن موضوع الإيغال ، يضاف إليها مسألة : ( قوة شعر مروان بصفة عامة وضعف وهبوط شعره الذي ألبسه المعاني الفقهية المغلوطة ، والتي وضحها ابن أبي الإصبع في مقالته ) .
ثامناً :
مراجع تفيد في التحقيق :
1ــ شعر مروان بن أبي حفصة تحقيق الدكتور حسين عطوان
2ــ الشعر والشعراء في العصر العباسي للدكتور مصطفى الشكعة
3ــ العصر العباسي الأول للدكتور شوقي ضيف
4ــ اتجاهات الشعر في القرن الثاني الهجري للدكتور محمد مصطفى هدارة
5ــ شعراء الدولتين للدكتور حسين عطوان
6ــ الأدب العربي في أزهى عصوره ــ العصر العباسي للدكتور محمد بكر سلمي
7ــ يونس بن حبيب للدكتور حسين نصار
8ــ مروان بن أبي حفصة ، حياته وشعره ، أ. بخيت أحمد محمد
9ــ مروان بن أبي حفصة : حياته وشعره ، أ. ربيع أحمد عبد الرحيم
تاسعاً :
يسلم التقرير مع نهاية الامتحانات النصفية حتى تحتسب درجة التقرير مع الأعمال والنصفي
، وأنصح من لم يرزق حسن الخط ، أولاً بمحاولة تحسين خطه ، وثانياً بطباعة التقرير إن أمكنه ذلك .
مع الدكتور/ محمد بكر سلمي حول التقرير المطلوب لمادة الأدب العباسي + عباسي1
ملحوظة : جميع الأوراق المسحوبة عشوائياً عن الإنترنت إن لم تفي بخطوات التقرير مرفوضة ، ولا درجة لها ، ( هذه الملحوظة يقصد بها كثير من الطالبات اللاتي قدمن أوراقهن )
أولاً :
يتمحور التقرير حول النقاط الآتية :
• شعر مروان بن أبي حفصة وقيمته الفنية قبل العصر العباسي .
• السبب الحقيقي لاتصال الشاعر بيونس بن حبيب النحوي.
• محاولات المستشرقين لتشويه هذا اللقاء.
• دعوات بعض النقاد العرب المحدثين للأخذ بآراء المستشرقين .
• الرد على محاولات المستشرقين وبيان فسادها ؛ وذلك بتوضيح الأبعاد التاريخية للقضية.
ثانياً :
خطوات كتابة التقرير
1ــ نحدد عنوان التقرير.
2ــ نحدد العناصر أو الخطوات أو الأفكار المطروحة .
3ــ نجمع المعلومات حول كل عنصر .
4ــ نرتب المعلومات ترتيباً يظهر تسلسلها .
5ــ نربط بين المعلومات بحيث تكون كل معلومة كالمقدمة لتاليها ، وكالنتيجة المكملة لسابقتها .
6ــ نعزز المعلومة بالشواهد .
7ــ تظهر شخصية الباحث ، ويحدد قيمة تقريره من خلال :
أ ــ الدقة في ترتيب المعلومة .
ب ــ الربط بين العناصر بالألفاظ المناسبة والمعبرة .
ج ــ الإيجاز غير المخل ، وإن احتاج إلى الإطناب أو الشرح فليكن غير ممل .
لا ينظر إلى عدد الصفحات إلا بالقدر الذي يوفي التقرير حقه ، وأسلوب الكاتب هو الذي يحدد عدد الصفحات فإذا كانت العبارة موجزة ومعبرة ، وكان الشاهد مختار بعناية ، تكفي الصفحة أو الصفحتين ،
ثالثاً :
قال مروان بن أبي حفصة في رثاء معن بن زائدة الشيباني :
أقمنـــا باليمامة بعد معن مقاماً لا نريــــد به زوالا
وقلنا أين نرحل بعد معن فقد ذهب النوال فلا نوالا
وقال مروان بن أبي حفصة في مدحه للمهدي :
هل تطمسون من السماء نجومها بأكفكم أم تسترون هلالها
أم تجحدون مقالــــــــة من ربكـم جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفـــال آخـــــر آيـة بتراثهم فأردتم إبطالهــــا
ومدح المهدي أيضاً بقصيدته الميمية التي يقول فيها :
أنَّى يكون وليس ذاك بكائــن لبني البنات وراثة الأعمام
ما للنساء مع الرجال فريضة نزلت بذلك سورة الأنعام
وأنشد الرشيد قصيدته الرائية التي يقول فيها :
أمور بميراث النبي وليتهـــــــــا فأنت لها بالحزم طاوٍ وناشــــــــر
أبوك ولى المصطفى دون هاشم وإن رغمت من حاسديك المناخـر
أعطاه خمسة آلاف دينار , فقبضها بين يديه , وكساه خلعةً , وأمر له بعشرة من رقيق الروم , وحمله على برذون من خاص مراكبه .
رابعاً :
لقد مضى مروان بن أبي حفصة بلاميته مدوِّية رائعة ، ساحرة ، حتى إذا انتهى إلى الاحتجاج ، خرج بها إلى الفقه ! فهبط بها معنى وأسلوبا ، وفقد كل أثر شعرى كانت تزخر به قصيدته قبل ذلك ، ولكي تلمس اختلاف وفقد كل أثر شعري كانت تزخر به قصيدته قبل ذلك ، ولكي تلمس اختلاف النسق واضحا ، استمع إلى ما سبق الاحتجاج ، قال :
أحيا أميرُ المؤمنين محمد = سنن النبي: حرامها وحلالها
ملك تفرّع من ذؤابة هاشم = مدَّ الإلهُ على الأنام ظلالها
ثبت على زلل الحوادث راكب = من صرفهن لكل حال حالها
كلتا يديك جعلت فضل نوالها = للمسلمين، وللعدوّ وبالها
هل تطمسون من السماء نجومها = بأكفكم أم تسترون هلالها؟
أم تجحدون مقالة من ربكم = جبريل بلغها النبي فقالها؟
شهدت من الأنفال آخر آية = بتراثهم، فاردتمو إبطالها
أنظر كيف هبط الشعر هبوطاً واضحا في البيتين الأخيرين ; هبط في المعنى ، إذ هو معنى علمي جاف ، وهبط في اللفظ ، فأسلوبه أسلوب مفكك مضطرب الضمائر، قافيته "إبطالها" وهي كلمة فقيه ، لا كلمة شاعر! ثم أيّ آية لم يبلغها جبريل النبي فيقولها ، حتى يحتاج الناس إلى أن يعرفوا أن جبريل بلغها النبي ، وأن النبي قالها ، إننا نعرف أن جبريل بلغ النبي كل آية ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغها ! وقالها !
أما أبياته في القصيدة الأخرى ، فهي مسألة من "مسائل علم الميراث" . وما أهون الخلافة إذا دخلت في "علم الميراث" . وصلى اللّه وسلم على من قال: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث"..
خامساً :
طرف من أخبار مروان بن أبي حفصة مع الخلفاء العباسيين
أخبارمروان بن أبي حفصة في العصر العباسي كثيرة ، وهي تدل على أنه لم يقصد أبا العباس عبد الله بن محمد السفاح (132-136هـ) ، ولا أبا جعفر المنصور (136-158هـ) ، وإن كان فكر في الوفود على الأخير ، غير أن المنية عاجلته فلم يمدحه .
على أنه أخذ في هذه الفترة يتردد على عمال المنصور ، وخاصة السرى بن عبد الله ابن الحارث بن العباس والى مكة (142-146هـ) ، ومعن بن زائدة الشيباني والي اليمن ، الذي أستفرغ شعره في مدحه ، ونال من جوائزه وصلاته مالاً لا يحصى كثرة.
ولما بويع المهدى (158-169هـ) وفد عليه وامتدحه ، ولم يزل يقصده في العام بعد العام ، ويقلده مدائحه ويحظى بهباته الغامرة حتى توفي ، فتحول الى مديح الهادي (169-170هـ) ، ثم الى مديح هارون الرشيد (170-193هـ) ، ويقال أنهم جميعاً راجعوه في مديحه لمعن بن زائده الشيباني ورثائه له ، وتحاموه في أول الأمر ، ولم يلبث أن تمكن من التقرب إليهم ، والخطوة عندهم ، مستولياً على أفئدتهم بدفاعه عنهم واحتجاجه لهم ، حتى كان رسمهم أن يعطوه بكل بيت يمدحهم به ألف درهم .
سادساً :
بيان ما في أبيات مروان بن أبي حفصة من الإيغال
أولاً : ما هو الإيغال ؟من أنواع البديع : الإيغال قال قدامة بجعفر :
الإيغال : هو أن يستكمل الشاعر معنى بيته بتمامه قبل أن يأتي بقافيته ، فإذا أراد الإتيان بها ليكون الكلام شعرا أفاد بها معنى زائدا على معنى البيت .
وقال عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن أبي الإصبع :
سمى هذا النوع إيغالا ، لأن المتكلم أو الشاعر أوغل في الفكر حتى استخرج سجعة أو قافية تفيد معنى زائدا على معنى الكلام.
وأصله من الإيغال في السير وهو السرعة ، فإن الإيغال في السير يدخل السائر في المكان الذي يقصده بسرعة، يقال : أوغل في الأرض الفلانية أي بلغ منتهاها ، أو ما قاربه فكأن المتكلم قد تجاوز حد المعنى الذي هو آخذ فيه ، وبلغ إلى زيادته عن الحد ، كما أن من دخل العريش مثلا من أرض مصر فقد دخل مصر ، فإذا أوغل في مصر فوصل إلى الصعيد يقال : قد أوغل في مصر لتجاوزه الحد بالزيادة عليه ، فكذلك المتكلم إذا تم معناه ثم تعداه عند الإتيان بسجعة أو قافية بزيادة عليه ، فقد أوغل في ذلك المعنى ، ولا يكون موغلا حتى ينتهي معناه إلى آخر البيت .
وقد حكى عن الأصمعي :
أنه سئل عن أشعر الناس فقال : الذي يأتي إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه كبيرا ، وإلى الكبير فيجعله خسيسا أو ينقضي كلامه قبل القافية ، فإن احتاج إليها أفاد بها معنى، فقيل له : نحو من ؟ فقال : نحو الفاتح لأبواب المعاني امرئ القيس حيث قال طويل:
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
فإنه انقضى كلامه عند قوله : " الجزع " ثم أفاد بالقافية معنى زائدا ، إذ قال: " لم يثقب " لأن عيون البقر غير مثقبة.
ثانياً : إيغال مروان بن أبي حفصة ( شرح وبيان )
قال ابن أبي الإصبع :
ولقد أحسن ابن المعتز في قوله لابن طباطبا العلوي متقارب:
فأنتم بنو بنته دوننا ... ونحن بنو عمه المسلم
فإنه أعطى بني عمه حقهم من الشرف ، واعترف لهم من فضل الأبوين بما اعترف ، ثم فطن إلى أنه إن اقتصر على ذلك فضلهم على بنته، فتحيل على المساواة، إذ لا طريق له إلى التفضيل بأن قال:
ونحن بنو عمه المسلم
فجعل هذا الفضيلة قبالة تلك ، وهذا القسم من الإيغال يحسن أن يسمى إيغال التخيير ، فإنه تخير من القوافي التي تفيد الإيغال قافية يكون ما تفيده موفيا بمقصوده من غير معارضة ، فإنه لو قال : " بنو عمه الأفضل " لكونه مسلما لعورض بحمزة رضي الله عنه ، وهو إيغال الاحتياط ، لكونه تتميما للمعنى ؛ وقد ذهب بعض النقاد إلى أنه بهذا الإيغال أراد الاستدلال على استحقاق بني العباس الخلافة وسوى بين بيته ، وبيت مروان بن أبي حفصة وهو قوله كامل:
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
وبين البيتين بون بعيد في الجودة وصحة المعنى ، فإن بيت ابن المعتز آصر وزنا وأصح معنى ، وأعذب ألفاظا ، وأوجز جملا ، وأخف محملا مع ما وقع فيه من التلطف لبلوغ الغرض من غير مجاهرة بلفظ ولا مواجهة بمضض ، فأما صحة معناه بالنسبة إلى بيت مروان فمن جهة أن مروان زعم أن بني الأعمام أحق بالفضل من بني البنات . فأخذ بعموم هذا الاستدلال ، وذهل عن أن هذه القضية التي هو آخذ فيها خارجة من هذا العموم ، لأن بني علي بنو بنات وبنو أعمام ، وما ذكره مروان لا يتناول إلا من لم يكونوا بني أعمام من بني البنات ، فأما من لم يمت بالقربة من طرفيه ويدلي بالاستحقاق من جهة أبويه، فخارج عما ذكر ، ولا يقال هذا ما يرد على مروان ، لأنه صرح بالإرث، ولا الأعمام أحق بالإرث من بني البنات، فإني أقول : إن لم يرد بالإرث الفضل فكلامه محال ، إذ لا يصح أن يريد إرث المال ولا إرث الخلافة ، أما المال فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث، وسيأتي بيان ذلك.
وأما الخلافة ، فلأن الخلافة لو كانت بالإرث لما وصلت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما قبل العباس رضي الله عنه فإذا أحسن الظن بمروان حمل قوله وراثة الأعمام على وراثة الفضل ، وحينئذ يأتي ما ذكرناه ، ولم يرد بالأعمام إلا بني الأعمام ، وببني البنات إلا بني علي رضي الله عنهم فإنه مدح بالقصيدة الرشيد، وعرض بيحيى بن عبد الله بن الحسن بن علي ، والأول بنو أعمام فقط ، والأخر بنو أعمام وبنو بنات ، فكانت للأول مزية لم تكن للأخر، قابلها ابن المعتز بأن أباه بنو العم المسلم فكانت هذه بتلك ، فحصلت المساواة ، فثبت الفضل لبيته على بيت مروان وما يستكثر مثل هذا الجهل من مروان وهو يقول في هذه الأبيات للرشيد كامل:
يا بن الذي ورث النبي محمدا ... دون الأقارب من ذوي الأرحام
فليت شعري ما الذي ورثه العباس رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ذوي رحمه ، وكيف يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يورث ؟ وهذا أفضل الصحابة وأفقههم يحتج على فاطمة عليها السلام في أمر فدك والعوالي، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يورث فلم منعت فاطمة ما ادعت وإن كان لا يورث فلم يدعي هذا الجاهل أن العباس رضي الله عنه ورثه دون ذوي رحمه؟ وأصل الحديث يروون أن أبا بكر رضي الله عنه أعطى عليا عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه دون العباس ، ثم لم يقنع مروان بهذا حتى قال : كامل:
ما للنساء مع الرجال فريضة ... نزلت بذلك سورة الأنعام
فما أدري على ماذا أحسده ، أعلى معرفته بالفرائض ، أم على حفظه للقرآن ؟ وما أعلم من أين في سورة الأنعام ذكر شيء من الفرائض ، أو حكم من أحكام المواريث ، أو ذكر نسب أو شيء مما يقارب هذا الشأن ، وليتني أعرف في أي موضع من القرآن ذكر أن النساء لا فريضة لهن مع الرجال ؟ ومن يقع في مثل هذا لا يستعظم منه خطؤه في البيت الذي ذكرناه له أولا ، هذا الفساد من جهة المعنى.
وأما ترجيح اللفظ فإن بيت ابن المعتز من محذوف المتقارب ، حروفه ستة وثلاثون حرفا ، وبيت مروان من مقطوع الكامل ، حروفه اثنان وأربعون حرفا ، إلى سهولة سبكه ، وجودة تركيبه ، وإيجاز جمله وخفة مفرداته ، وكثرة استعمال كلماته ، " فاعتبروا يا أولي الأبصار " .
سابعاً :
(الإيغال نوع من أنواع البديع ، وقد ناقش ابن أبي الإصبع المسائل الفقهية وبين فساد الاستشهاد بها في أبيات مروان وذلك من خلال شرحه للإيغال في أبيات مروان بن أبي حفصة ) ، مثل هذه العبارة تذكر عن موضوع الإيغال ، يضاف إليها مسألة : ( قوة شعر مروان بصفة عامة وضعف وهبوط شعره الذي ألبسه المعاني الفقهية المغلوطة ، والتي وضحها ابن أبي الإصبع في مقالته ) .
ثامناً :
مراجع تفيد في التحقيق :
1ــ شعر مروان بن أبي حفصة تحقيق الدكتور حسين عطوان
2ــ الشعر والشعراء في العصر العباسي للدكتور مصطفى الشكعة
3ــ العصر العباسي الأول للدكتور شوقي ضيف
4ــ اتجاهات الشعر في القرن الثاني الهجري للدكتور محمد مصطفى هدارة
5ــ شعراء الدولتين للدكتور حسين عطوان
6ــ الأدب العربي في أزهى عصوره ــ العصر العباسي للدكتور محمد بكر سلمي
7ــ يونس بن حبيب للدكتور حسين نصار
8ــ مروان بن أبي حفصة ، حياته وشعره ، أ. بخيت أحمد محمد
9ــ مروان بن أبي حفصة : حياته وشعره ، أ. ربيع أحمد عبد الرحيم
تاسعاً :
يسلم التقرير مع نهاية الامتحانات النصفية حتى تحتسب درجة التقرير مع الأعمال والنصفي
، وأنصح من لم يرزق حسن الخط ، أولاً بمحاولة تحسين خطه ، وثانياً بطباعة التقرير إن أمكنه ذلك .