قصـــة قصيـــرة
جمانة الفلسطينية وسلمى اليبوسية
بقلم الدكتور/ محمد بكر محمد سلمي
فرح عظيم وسعادة غامرة تلك التي تُحسُّ بها جمانة عندما تجلس خلف بيتها في ظل الصخرة الكبيرة المستندة إلى سفح الجبل وهي تنظر إلى أشجار الزيتون ، وقد تغفو قليلاً ثم تصحو قريرة العين مرتاحة البال .
اعتادت جمانة أن تأوي إلى هذه الصخرة كلما شعرت بالتعب أو احتاجت إلى التأمل في فضاء المزرعة خلف جدار الفصل العنصري ، فترى أشجار الزيتون الشامخة بخضرتها طول العام ، وكأنها تقاوم الاحتلال .
وفي يوم من أيام فصل الربيع أحضرت جمانة معها بعض شتلات الورود وزرعتها بجوار الصخرة ، فأصبح المكان حولها كأنه مجلس ملوكي تتربع جمانة على العرش فيه .
مغمورة بالسعادة المعهودة نامت جمانة ظهر ذلك اليوم فزارتها فتاة في مثل سنها .
ــ كيف حالك يا جمانة .
ــ بخير ، الحمد لله ، من أنت ياكحيلة العين ؟
ــ أنا سلمى اليبوسية ، جئت أشكرك على هذه الورود الجميلة .
ــ من أين أتيت ؟
ــ من خلف هذه الصخرة حيث أعيش مع أهلي في هذه المدينة الجميلة : أور سالم
ــ إنها مدينة القدس .
ــ نعم إنها قدسية مباركة .
دخلت جمانة مع سلمى إلى بيتها خلف الصخرة ، فمشيتا في ممرٍ طويل كأنه يخترق الجبل حتى وصلتا إلى غرف منحوتة في الصخر ، ورأت جمانة أم سلمى في فناء البيت وهي تدير بيدها عصا الرحى فتحول القمح إلى دقيق .
وعندما اقتربت جمانة من أم سلمى وجدتها تشبه جدتها ، فأوشكت أن تناديها جدة فاطمة ، لولا أن فاجأها صوت سلمى تنادي :
ــ جمانة أقبلي .
أسرعتُ إليها ، فإذا هي تجلس على مقعد من الرخام وتشير لي أن أجلس على مقعد آخر أمامها ، إنه مجلس يشبه مجلسي خلف الجبل ، وناولتني إبريقاً من الفخار الأبيض ، وقبل أن أشرب من الإبريق سألتها عن هذا المكان الجميل التي تجلس فيه فقالت :
ــ أحب أن أجلس هنا لأن هذا المكان يشرف على ذلك الوادي الذي دارت فيه المعركة التي انتصر فيها أجدادي علي العبيرو ، فقتلوهم وأخرجوهم من البلاد .
وشملتني غبطة عظيمة وسعادة لاتوصف ، وأردت أن أسألها عن هؤلاء العبيرو ، هل هم اليهود ؟ فشعرت أنني أمام حقيقتين تاريخيتين بينهما زمن بعيد وفي هذه اللحظة تحرك حجر صغير تحت قدمي ، فقبضت على الإبريق جيداً وشربت منه ، ولم أكد أنتهي من شربتي هذه حتى صحوت من نومي وطعم العسل اليبوسي لا يزال في فمي .
د. محمد بكر سلمي
جمانة الفلسطينية وسلمى اليبوسية
بقلم الدكتور/ محمد بكر محمد سلمي
فرح عظيم وسعادة غامرة تلك التي تُحسُّ بها جمانة عندما تجلس خلف بيتها في ظل الصخرة الكبيرة المستندة إلى سفح الجبل وهي تنظر إلى أشجار الزيتون ، وقد تغفو قليلاً ثم تصحو قريرة العين مرتاحة البال .
اعتادت جمانة أن تأوي إلى هذه الصخرة كلما شعرت بالتعب أو احتاجت إلى التأمل في فضاء المزرعة خلف جدار الفصل العنصري ، فترى أشجار الزيتون الشامخة بخضرتها طول العام ، وكأنها تقاوم الاحتلال .
وفي يوم من أيام فصل الربيع أحضرت جمانة معها بعض شتلات الورود وزرعتها بجوار الصخرة ، فأصبح المكان حولها كأنه مجلس ملوكي تتربع جمانة على العرش فيه .
مغمورة بالسعادة المعهودة نامت جمانة ظهر ذلك اليوم فزارتها فتاة في مثل سنها .
ــ كيف حالك يا جمانة .
ــ بخير ، الحمد لله ، من أنت ياكحيلة العين ؟
ــ أنا سلمى اليبوسية ، جئت أشكرك على هذه الورود الجميلة .
ــ من أين أتيت ؟
ــ من خلف هذه الصخرة حيث أعيش مع أهلي في هذه المدينة الجميلة : أور سالم
ــ إنها مدينة القدس .
ــ نعم إنها قدسية مباركة .
دخلت جمانة مع سلمى إلى بيتها خلف الصخرة ، فمشيتا في ممرٍ طويل كأنه يخترق الجبل حتى وصلتا إلى غرف منحوتة في الصخر ، ورأت جمانة أم سلمى في فناء البيت وهي تدير بيدها عصا الرحى فتحول القمح إلى دقيق .
وعندما اقتربت جمانة من أم سلمى وجدتها تشبه جدتها ، فأوشكت أن تناديها جدة فاطمة ، لولا أن فاجأها صوت سلمى تنادي :
ــ جمانة أقبلي .
أسرعتُ إليها ، فإذا هي تجلس على مقعد من الرخام وتشير لي أن أجلس على مقعد آخر أمامها ، إنه مجلس يشبه مجلسي خلف الجبل ، وناولتني إبريقاً من الفخار الأبيض ، وقبل أن أشرب من الإبريق سألتها عن هذا المكان الجميل التي تجلس فيه فقالت :
ــ أحب أن أجلس هنا لأن هذا المكان يشرف على ذلك الوادي الذي دارت فيه المعركة التي انتصر فيها أجدادي علي العبيرو ، فقتلوهم وأخرجوهم من البلاد .
وشملتني غبطة عظيمة وسعادة لاتوصف ، وأردت أن أسألها عن هؤلاء العبيرو ، هل هم اليهود ؟ فشعرت أنني أمام حقيقتين تاريخيتين بينهما زمن بعيد وفي هذه اللحظة تحرك حجر صغير تحت قدمي ، فقبضت على الإبريق جيداً وشربت منه ، ولم أكد أنتهي من شربتي هذه حتى صحوت من نومي وطعم العسل اليبوسي لا يزال في فمي .
د. محمد بكر سلمي