( ينبغي على الأدباء الصاعدين أن يقَّوِمُوا لسانهم بمعرفة النحو وعلم البيان )
ثانياً : مدخل إلى دراسة علم البيان ( المجاز )
2ـ المجاز المرسل والكناية
المجاز المرسل
هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة غير المشابهة مع قرينة عدم إرادة المعنى الأصلي وسمي مرسلا لأن علاقاته مرسلة ( أي غير محدودة ) فقد رأينا في الاستعارة أن العلاقة هي المشابهة فقط أما في المجاز المرسل فتمتنع علاقة المشابه ويدخل مجموعة غير محدودة ، أي ( مرسلة ) من العلاقات :
أنواع العلاقات
وعلاقات المجاز تنقسم قسمين ، القسم الأول يسمى : علاقة التضمن ، ويندرج تحته علاقتان فقط هما : علاقة ( الجزئية ) ، وعلاقة ( الكلية ) ، وذلك لأن الجزء يؤخذ من الكل فهو بعضه ، فإذا ذكرنا كلمة تدل على الجزء وأردنا بها الكل كانت العلاقة ( الجزئية ) ، وإذا ذكرنا كلمة تدل على الكل وأردنا بها الجزء كانت العلاقة ( الكلية ) فنوع العلاقة يحددها الكلمة المذكورة .
أمثلة لعلاقة التضمن
علاقة الجزئية مثل : ( ألقى الخطيب كلمة ) ، فالمجاز المرسل هو : ( كلمة ) والمراد كلاماً والكلمة جزء الكلام فالعلاقة ( الجزئية ) ومثله قوله تعالى : " واركعوا مع الراكعين " المجاز المرسل ( اركعوا ) والمراد صلوا ، والركعة جزء الصلاة فالعلاقة ( الجزئية )
وعلاقة الكلية مثل : قوله تعالى : " جعلوا أصابعهم في آذانهم " فالمجاز المرسل هو : ( أصابع ) والمراد أطراف الأصابع ، فذكر الإصبع ( الكل ) وأراد الجزء ( الطرف ) فالعلاقة الكلية ، ومثل قولنا ولد الإمام الشافعي في غزة ، فالمجاز المرسل ( غزة ) والمراد ( بيت من بيوتها ) فذكر الكل وأراد الجزء ، فالعلاقة الكلية .
*********
القسم الثاني يسمى : علاقة الالتزام ، ويندرج تحته عدد كبير من العلاقات ، وضابطه : ( أن تطلق الكلمة ويراد بها لازم معناها مع امتناع إرادة المعنى الأصلي للكلمة ) مثل : رعت الماشية الغيث ، ومعنى الغيث المطر والصحيح أن الماشية ترعى العشب , ولما كان الغيث هو المسبب لنمو العشب كانت العلاقة هنا المسببية والقرينة المعنوية هنا تدل على عدم إمكانية أن يرعى الغيث مطلقا ( عدم إرادة المعنى الأصلي ) ، إذاً هذه الكلمة ( الغيث ) في هذه العبارة استعملت في غير ما وضعت له أصلا في اللغة ، فقد وضعت لنزول الماء من السماء كي يغيث الناس من العطش وغيره ، ولذا سمي غيثاً ، وغني عن البيان أنه يلزم عن نزول الغيث نمو العشب .
أمثلة لعلاقة الالتزام
له أيادٍ عليَّ سابغة : المجاز المرسل (الأيادي ) المراد ( النعم ) نوع العلاقة ( السببية )
" وينزل لكم من السماء رزقا " : المجاز المرسل ( رزقا) المراد (مطرا) نوع العلاقة (المسببية)
المثال : لبست ثوب قطنٍ : المجاز المرسل (قطنٍ) المراد (نسيج) نوع العلاقة ( اعتبار ما كان)
" إني أراني أعصر خمرا " : المجازالمرسل (خمراً) المراد (عنباً) نوع العلاقة (اعتبارما يكون)
" واسأل القرية التي كنا فيها " : المجاز المرسل (القرية) المراد (أهلها) نوع العلاقة (المحلية)
فشككت بالرمح الأصم ثيابه : المجاز المرسل (ثيابه ) المراد (قلبه) نوع العلاقة (المجاورة)
" واجعل لي لسان صدق في الآخرين ": المجازالمرسل (لسان) المراد (قول) نوع العلاقة(الآلية)
الكنايــة
لفظ أريد به لازم معناه مع جواز أرادته معه ( يجب في الكناية إرادة المعنى الأصلي ، وهو شرط الكناية ) ، وهي أنواع :
1ـ الكناية عن صفة
فمثلا نقول : " فلان كثير الرماد " نكني بكثرة الرماد عن صفة الكرم يعني فلان كريم ، فكثرة الرماد لازم من لوازم معنى الكرم كيف ؟ إذا كان كثرة الإطعام كرما فإن كثرة الإطعام تعني كثرة الطبخ وكثرة الطبخ تعني كثرة إشعال النار وكثرة إشعال النار تعني كثرة الرماد التي تخلفه النار ، فمن لزوم الكرم حصول كل ما سبق حتى نصل إلى كثرة الرماد .
أما شرط إرادة المعنى الأصلي حتى تصح الكناية فهو : ألا يمكن أن يكون كثير الرماد يعمل طباخاً في الحقيقة ، فهنا يمكن أن يرد المعنى على أصله ، لذا صح أن يقع كناية عن الكريم وهكذا نقول في " فلان تطأطئ له الرؤوس " كناية عن صفة المهابة ، يعني فلان رجل مهيب ، عندما يراه الناس يخفضون رؤوسهم أمامه ، ألا يمكن أن يكون صنعته الحلاقة ( هنا جاز إيراد المعنى الأصلي لأن الحلاق يجب أن تخفض بين يديه جميع الروس حتى يتمكن من صنعته وهكذا في كل كناية ، نقول " فلان طويل العماد " كناية عن صفة الرفعة : فطول عمود البيت ( بيت الشَّعر للبدوي ) يدل على رفعة صاحبه ، ألا يمكن أن يكون صاحب البيت طويل القامة فقط وليس مهيبا ، وهكذا صحت الكناية فقد تحقق شرطها ( جواز إرادة المعنى الأصلي ) ، إذاً فالكناية هي : ( لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه ) وهو شرط تحقق الكناية .
ومن الكنايات قول الشاعر :
بيض المطابخ لا تشكو إماؤهم طبخ القدور ولا غسل المناديل
فبيض المطابخ كناية عن صفة البخل , لأن النار لا توقد فيها ، ويمكن أن يكون البياض ناتج عن النظافة فهو حقيقة إذاً، وقد تحقق شرط الكناية وهو جواز إرادة المعنى الأصلي ( النظافة ) ، ومن الكنايات أيضا قول الشاعر :
وما يك فيَّ من عيب فإني جبان الكلب مهزوم الفصيل
فجبان الكلب ومهزوم الفصيل كنايتان عن صفة الكرم ، والمعنى الكنائي : أن هذا الرجل الكريم لكثرة تردد الناس عليه أصبح كلبه لا ينبح فكأنه جبان ، ألا يمكن أن يكون كلبه مريض أو خانع جبان ، إذاً هي كناية عن صفة الكرم لجواز إرادة المعنى الأصلي ، وكذلك مهزوم الفصيل فالفصيل المهزوم ( الضعيف ) هو ولد الناقة ، فالكريم ذبح ناقته لضيوفه فهزم فصيلها ، ألا يمكن أن يكون فصيله مريض حقا ، إذاً مهزوم الفصيل كناية عن صفة الكرم ، وقد تحقق شرط الكناية وهو إرادة المعنى الأصلي ( جواز أن يكون الفصيل مريضاً ) ، وكذلك : ( نؤوم الضحى ) كناية عن صفة الرفاهية والنعيم ، فهذه امرأة مخدومة تنام حتى وقت الضحى ، ألا يمكن أن تكون مريضة فلا تقوى على النهوض مبكراً كغيرها من البدويات اللائي يقمن على شؤونهن بأنفسهن ، إذاً نؤوم الضحى كناية عن المرأة المنعمة المرفهة ( لإمكان إرادة المعنى الأصلي وهو المرض والعجز المفضي إلى كثرة النوم ) .
2ـ الكناية عن موصوف
ـ المثال : ومن في كفه منهم قناة * كمن في كفه منهم خضاب
الموصوف : الرجال في الشطر الأول ، و النساء في الشطر الثاني .
ـ المثال : " أو من ينشأ في الحلية " ، الموصوف : البنت .
ـ المثال : والطاعنين مواطن الأسرار ، الموصوف : القلوب .
3ـ الكناية عن نسبة
ـ المثال : فلانة طاهرة الثوب ، النسبة : نسب العفة لثوبها.
ـ المثال : أصبح في قيدك السماحة والمجد ، النسبة : نسب السماحة والمجد للقيد فهي قيد أمره.
ـ المثال : رأيت أثواب أحرار على أجساد عبيد ، النسبة : نسب الحرية إلى الثوب المتصل بالجسد.
ثانياً : مدخل إلى دراسة علم البيان ( المجاز )
2ـ المجاز المرسل والكناية
المجاز المرسل
هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة غير المشابهة مع قرينة عدم إرادة المعنى الأصلي وسمي مرسلا لأن علاقاته مرسلة ( أي غير محدودة ) فقد رأينا في الاستعارة أن العلاقة هي المشابهة فقط أما في المجاز المرسل فتمتنع علاقة المشابه ويدخل مجموعة غير محدودة ، أي ( مرسلة ) من العلاقات :
أنواع العلاقات
وعلاقات المجاز تنقسم قسمين ، القسم الأول يسمى : علاقة التضمن ، ويندرج تحته علاقتان فقط هما : علاقة ( الجزئية ) ، وعلاقة ( الكلية ) ، وذلك لأن الجزء يؤخذ من الكل فهو بعضه ، فإذا ذكرنا كلمة تدل على الجزء وأردنا بها الكل كانت العلاقة ( الجزئية ) ، وإذا ذكرنا كلمة تدل على الكل وأردنا بها الجزء كانت العلاقة ( الكلية ) فنوع العلاقة يحددها الكلمة المذكورة .
أمثلة لعلاقة التضمن
علاقة الجزئية مثل : ( ألقى الخطيب كلمة ) ، فالمجاز المرسل هو : ( كلمة ) والمراد كلاماً والكلمة جزء الكلام فالعلاقة ( الجزئية ) ومثله قوله تعالى : " واركعوا مع الراكعين " المجاز المرسل ( اركعوا ) والمراد صلوا ، والركعة جزء الصلاة فالعلاقة ( الجزئية )
وعلاقة الكلية مثل : قوله تعالى : " جعلوا أصابعهم في آذانهم " فالمجاز المرسل هو : ( أصابع ) والمراد أطراف الأصابع ، فذكر الإصبع ( الكل ) وأراد الجزء ( الطرف ) فالعلاقة الكلية ، ومثل قولنا ولد الإمام الشافعي في غزة ، فالمجاز المرسل ( غزة ) والمراد ( بيت من بيوتها ) فذكر الكل وأراد الجزء ، فالعلاقة الكلية .
*********
القسم الثاني يسمى : علاقة الالتزام ، ويندرج تحته عدد كبير من العلاقات ، وضابطه : ( أن تطلق الكلمة ويراد بها لازم معناها مع امتناع إرادة المعنى الأصلي للكلمة ) مثل : رعت الماشية الغيث ، ومعنى الغيث المطر والصحيح أن الماشية ترعى العشب , ولما كان الغيث هو المسبب لنمو العشب كانت العلاقة هنا المسببية والقرينة المعنوية هنا تدل على عدم إمكانية أن يرعى الغيث مطلقا ( عدم إرادة المعنى الأصلي ) ، إذاً هذه الكلمة ( الغيث ) في هذه العبارة استعملت في غير ما وضعت له أصلا في اللغة ، فقد وضعت لنزول الماء من السماء كي يغيث الناس من العطش وغيره ، ولذا سمي غيثاً ، وغني عن البيان أنه يلزم عن نزول الغيث نمو العشب .
أمثلة لعلاقة الالتزام
له أيادٍ عليَّ سابغة : المجاز المرسل (الأيادي ) المراد ( النعم ) نوع العلاقة ( السببية )
" وينزل لكم من السماء رزقا " : المجاز المرسل ( رزقا) المراد (مطرا) نوع العلاقة (المسببية)
المثال : لبست ثوب قطنٍ : المجاز المرسل (قطنٍ) المراد (نسيج) نوع العلاقة ( اعتبار ما كان)
" إني أراني أعصر خمرا " : المجازالمرسل (خمراً) المراد (عنباً) نوع العلاقة (اعتبارما يكون)
" واسأل القرية التي كنا فيها " : المجاز المرسل (القرية) المراد (أهلها) نوع العلاقة (المحلية)
فشككت بالرمح الأصم ثيابه : المجاز المرسل (ثيابه ) المراد (قلبه) نوع العلاقة (المجاورة)
" واجعل لي لسان صدق في الآخرين ": المجازالمرسل (لسان) المراد (قول) نوع العلاقة(الآلية)
الكنايــة
لفظ أريد به لازم معناه مع جواز أرادته معه ( يجب في الكناية إرادة المعنى الأصلي ، وهو شرط الكناية ) ، وهي أنواع :
1ـ الكناية عن صفة
فمثلا نقول : " فلان كثير الرماد " نكني بكثرة الرماد عن صفة الكرم يعني فلان كريم ، فكثرة الرماد لازم من لوازم معنى الكرم كيف ؟ إذا كان كثرة الإطعام كرما فإن كثرة الإطعام تعني كثرة الطبخ وكثرة الطبخ تعني كثرة إشعال النار وكثرة إشعال النار تعني كثرة الرماد التي تخلفه النار ، فمن لزوم الكرم حصول كل ما سبق حتى نصل إلى كثرة الرماد .
أما شرط إرادة المعنى الأصلي حتى تصح الكناية فهو : ألا يمكن أن يكون كثير الرماد يعمل طباخاً في الحقيقة ، فهنا يمكن أن يرد المعنى على أصله ، لذا صح أن يقع كناية عن الكريم وهكذا نقول في " فلان تطأطئ له الرؤوس " كناية عن صفة المهابة ، يعني فلان رجل مهيب ، عندما يراه الناس يخفضون رؤوسهم أمامه ، ألا يمكن أن يكون صنعته الحلاقة ( هنا جاز إيراد المعنى الأصلي لأن الحلاق يجب أن تخفض بين يديه جميع الروس حتى يتمكن من صنعته وهكذا في كل كناية ، نقول " فلان طويل العماد " كناية عن صفة الرفعة : فطول عمود البيت ( بيت الشَّعر للبدوي ) يدل على رفعة صاحبه ، ألا يمكن أن يكون صاحب البيت طويل القامة فقط وليس مهيبا ، وهكذا صحت الكناية فقد تحقق شرطها ( جواز إرادة المعنى الأصلي ) ، إذاً فالكناية هي : ( لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه ) وهو شرط تحقق الكناية .
ومن الكنايات قول الشاعر :
بيض المطابخ لا تشكو إماؤهم طبخ القدور ولا غسل المناديل
فبيض المطابخ كناية عن صفة البخل , لأن النار لا توقد فيها ، ويمكن أن يكون البياض ناتج عن النظافة فهو حقيقة إذاً، وقد تحقق شرط الكناية وهو جواز إرادة المعنى الأصلي ( النظافة ) ، ومن الكنايات أيضا قول الشاعر :
وما يك فيَّ من عيب فإني جبان الكلب مهزوم الفصيل
فجبان الكلب ومهزوم الفصيل كنايتان عن صفة الكرم ، والمعنى الكنائي : أن هذا الرجل الكريم لكثرة تردد الناس عليه أصبح كلبه لا ينبح فكأنه جبان ، ألا يمكن أن يكون كلبه مريض أو خانع جبان ، إذاً هي كناية عن صفة الكرم لجواز إرادة المعنى الأصلي ، وكذلك مهزوم الفصيل فالفصيل المهزوم ( الضعيف ) هو ولد الناقة ، فالكريم ذبح ناقته لضيوفه فهزم فصيلها ، ألا يمكن أن يكون فصيله مريض حقا ، إذاً مهزوم الفصيل كناية عن صفة الكرم ، وقد تحقق شرط الكناية وهو إرادة المعنى الأصلي ( جواز أن يكون الفصيل مريضاً ) ، وكذلك : ( نؤوم الضحى ) كناية عن صفة الرفاهية والنعيم ، فهذه امرأة مخدومة تنام حتى وقت الضحى ، ألا يمكن أن تكون مريضة فلا تقوى على النهوض مبكراً كغيرها من البدويات اللائي يقمن على شؤونهن بأنفسهن ، إذاً نؤوم الضحى كناية عن المرأة المنعمة المرفهة ( لإمكان إرادة المعنى الأصلي وهو المرض والعجز المفضي إلى كثرة النوم ) .
2ـ الكناية عن موصوف
ـ المثال : ومن في كفه منهم قناة * كمن في كفه منهم خضاب
الموصوف : الرجال في الشطر الأول ، و النساء في الشطر الثاني .
ـ المثال : " أو من ينشأ في الحلية " ، الموصوف : البنت .
ـ المثال : والطاعنين مواطن الأسرار ، الموصوف : القلوب .
3ـ الكناية عن نسبة
ـ المثال : فلانة طاهرة الثوب ، النسبة : نسب العفة لثوبها.
ـ المثال : أصبح في قيدك السماحة والمجد ، النسبة : نسب السماحة والمجد للقيد فهي قيد أمره.
ـ المثال : رأيت أثواب أحرار على أجساد عبيد ، النسبة : نسب الحرية إلى الثوب المتصل بالجسد.