( ينبغي على الأدباء الصاعدين أن يقَّوِمُوا لسانهم بمعرفة النحو وعلم البيان )
ثانياً : مدخل إلى دراسة علم البيان ( المجاز )
1ـ التشبيه والاستعارة
يوصف الكلام العربي في تراكيبه ( جُمَلُه ) بأنه إما يدل على حقيقة ، كأن نقول الشجرة خضراء وهي خضراء ، أو المرأة جميلة وهي كذلك ، وهذا النوع لا عناء فيه ويكثر في كلام الناس ولا يحتاج إلى مزيد بيان ، أو يدل على أمر آخر تجاوز الحقيقة في التعبير به ، كأن تقول " محمد أسد " تريد رجلا شجاعاً ، و " فاطمة كالقمر " تريد وضاءة وجهها ، وهذا ما يعرف بالمجاز لأنك تجاوزت المعنى الحقيقي الموضوع له اللفظ إلى معنى آخر رأيت أنه أكثر توضيحا لغرضك وبيان حاجتك ، ويشترط في المجاز أن يكون هناك علاقة تربط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي .
التشبيه
أول مراتب المجاز هو التشبيه وهو قائم على علاقة المشابهة وهذه العلاقة تسمى وجه الشبه ، وأسلوب التشبيه له أربعة أركان هي :1ـ المشبه 2ـ المشبه به 3ـ أداة التشبيه 4ـ وجه الشبه .
والمشبه هو الركن الضعيف الذي عقدنا التشبيه من اجل تقوية معناه ، فمثلا زيد كالأسد ، هذه جملة أريد أن أقول فيها : زيد شجاع ، ولكن شعرت بان شجاعة زيد أمر غير واضح فأردت أن أقوي الإحساس والفهم بهذه الشجاعة فجئت بلفظ الأسد حيث الشجاعة فيه ظاهرة للقاصي والداني وعقدت التشبيه عليه ، فالأسد مشبه به ، وهكذا في كل أسلوب من أساليب التشبيه يكون المشبه به أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمشبه ( الضعيف ) وهذا هو سر جمال التشبيه ، فإذا كان المشبه به ضعيفا كان التشبيه باهتاً لا رونق له ، فمثلا نحن نعرف أن العقرب إذا لدغ إنساناً فانه يقضي عليه ، فهل إذا أردنا أن نبين شجاعة زيد قلنا زيد كالعقرب ؟ نلاحظ أن هذا التشبيه ضعيف لان العقرب مهين يمكن لأي إنسان أن يدوسه بنعله فيسحقه ، فلا ينظر إلى فعل سم العقرب بل ينظر إلى حقارة جسمه ، وعلى ذلك إذا كانت فاطمة جميلة فكل الفتيات يدعين الجمال ، فإذا أردت أن أبين وضاءة وجهها عقدت تشبيها وجئت بمشبه به تكون صفة الوضاءة فيه قوية لا تنازع فقلت : " فاطمة كالقمر " وهكذا في كل تشبيه يجب أن يكون المشبه به أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمشبه . وهذا سر جمال التشبيه .
الاستعارة
الاستعارة في معناها العام هي تشبيه حذف احد طرفيه ، والعلاقة فيها أيضا هي المشابهة ،
والمشبه به يسمى في الاستعارة : المستعار ، وأما المشبه فيسمى : المستعار له .
الاستعارة التصريحية
فإذا ذكر المشبه به ( القوى ) في العبارة كانت الاستعارة تصريحية وتعريفها : هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به ، ويجب أن نؤكد على كلمة لفظ المشبه به ، وإذا عرفنا انه يجب أن يحذف احد طرفي التشبيه حتى يصبح الأسلوب استعارة فعلى ذلك يجب أن يكون المشبه محذوفا في الاستعارة التصريحية التي يشترط فيها ذكر لفظ المشبه به ( القوي ) نقول : تحدثت مع الأسد ، وجلست مع القمر ، فأصل العبارتين ( فلان كالأسد ، وفلانة كالقمر ) ، حذف المشبه ( فلان – فلانة ) وبقي لفظ المشبه به ( الأسد – القمر ) والذي جعله أسلوب استعاري هو تعاملنا مع لفظ المشبه به كتعاملنا مع المشبه المحذوف ، بمعنى أننا أقمنا المشبه به مكان المشبه فتحدثنا معه أو جلسنا معه ، واعلم أنه لا يجوز أن نتعامل مع المشبه به التعامل الطبيعي الموضوع له أصلا ، فلا أقول شاهدت ، أو اهتديت بالقمر ، كما لا أقول : خفت أو جريت من الأسد ، لان هذه المعاني معاني حقيقية لا تجاوز فيها ( لا مجاز فيها ) أما كون القمر يجلس كما تجلس الفتاة والأسد يتحدث كما يتحدث الإنسان فهذا هو المجاز أي تجاوز الحقيقة والعلاقة في الجملتين هي : (المشابهة ) كما هو معروف ، فإذا أردت أن تصنع استعارة تصريحية فاستدع في ذهنك التشبيه أولاً ، ثم احذف المشبه وتعامل مع لفظ المشبه به تعاملك مع المشبه .
وسر جمال الاستعارة هو : كون المستعار ( المشبه به ) أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمستعار له ( المشبه ) ، أضف إلى سر الجمال التشخيص والتجسيم وما إلى ذلك مما يصاحب الأسلوب ويزيده رونقاً ولكنه ليس أساساً في البناء الاستعاري .
الاستعارة المكنية
وهي التي يحذف فيها المستعار( المشبه به ) القوي ويكنى أو يرمز ( والرمز كناية ) إليه بصفة تدل عليه – مع بقاء المستعار له ( المشبه ) الضعيف في الجملة ، والاستعارة – المكنية – تحتاج إلى إعمال الفكر في استخراجها لخفاء المستعار ( المشبه به ) القوي ( بحذفه ) والاستدلال عليه برمزه أو بصفته ، والاستعارات المكنية كثيرة في الشعر العربي ، وفي الاستعمال الدارج أيضا ، ففي الشعر يقول امرؤ القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع من الهموم ليبتلي
فقـلــت لـه لمـا تمطــى بصلبـــه وأردف أعجازا ونـــاء بكلكــل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلــي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فقد شبه الشاعر الليل بالستارة لما تحدثه الستارة من إظلام ، وحذف المشبه به ( الستارة ) وجاء بصفة تدل عليها وهي الإسدال ، وأيضا شبه الليل بثقله على نفسه بالجمل حين يبرك على الأرض ، وحذف المشبه به ( الجمل ) وذكر بعض صفاته ، وهذه الصفات هي تمطى بصلبه وأردف إعجازا وناء بكلكل ، ومعنى ناء : ضغط والكلكل : دائرة تكون في صدر الجمل يترك ثقله عليها حين يجثم على الأرض ، ولا يخفي أن سر جمال الاستعارة هي في كون المستعار ( المشبه به ) أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمستعار له ( المشبه ) وهي الإظلام في الأولى – والثقل على نفس الشاعر في الثانية ، يضاف إلى ذلك أنه جسَّم الليل وهو معنى نرى بعض مظاهره ــ الظلام ــ ولا نستطيع الإحاطة به أو لمسه ، بيد أننا نلمس الستارة ونراها ، ومثل ذلك الجمل ، ومن أمثلة الاستعارة المكنية كذلك قول أبي ذؤيب الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
وقول الحجاج بن يوسف الثقفي : " إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها " فقد شبه أبو ذؤيب المنية ( الموت ) بالوحش ولكنه لم يذكر لفظ الوحش بل كنى عنه بصفة من صفاته وهي نشوب الأظفار في الفريسة ، كذلك شبه الحجاج الرؤوس التي تفكر بالفتنة والخروج على الدولة الأموية بالثمر الناضج ، ولكنه لم يذكر لفظ الثمر بل ذكر بعض صفاته وهي الإيناع والقطاف .
وهكذا نقول في كثير من التعبيرات الدارجة مثل : ( ليل حالم ، نهار ظامئ ، رجل مبسوط , الأيام حبلى , الموقف شائك ....الخ ) كلها استعارات مكنية ذكر فيها المستعار له ( المشبه ) وحذف المستعار ( المشبه به ) وبقيت صفة من صفاته دلت عليه فالحلم والظمأ من صفات الإنسان , والبسط والاستواء من صفات السجادة ، والحَبَل ( الحمل ) من صفات الأنثى ، والشوك يكون في بعض الأشجار فيصعب تسلقها وهكذا .
الاستعارة التمثيلية
يلحق بالاستعارة أمر من السهولة بمكان وهو الأمثال ويقال للمثل حين يضرب استعارة تمثيلية مثل : " يقدم رجل ويؤخر أخرى " , " رجع بخفي حنين " و " الصيف ضيعت اللبن " .
فجميع الأمثال استعارات تصريحيه تمثيلية لأنك تشبه المتردد في فكره بالذي يقدم رجل ويؤخر أخرى لعدم ثبات وإحكام أمره ، وهنا حذف المشبه ( الإنسان المتردد ) وذكر المشبه به ( المثل بلفظه )على سبيل الاستعارة التمثيلية التصريحية وهكذا يقال في رجع بخفي حنين شبه الخائب في مسعاه بحنين الذي ذهب يبحث عن ناقته وعاد وفي يده خفيه فقيل له حينها : رجع بخفي حنين , وهو مثل يضرب لكل خائب مسعى فالمشبه الخائب في مسعاه والمشبه به لفظ المثل , نلاحظ أن المثل يجب أن يذكر بلفظه لأنه استعارة تصريحية فيطلق المثل بلفظه لخطاب المفرد أو المثنى أو الجمع ولخطاب المذكر أو المؤنث , فيقال للمرأة : رجع بخفي حنين , ويقال لجمع الرجال: رجع بخفي حنين ، وهذه المحافظة على لفظ المثل هي التي أدخلته باب الاستعارة التصريحية لأن شرطها ذكر المشبه به بلفظه .
ثانياً : مدخل إلى دراسة علم البيان ( المجاز )
1ـ التشبيه والاستعارة
يوصف الكلام العربي في تراكيبه ( جُمَلُه ) بأنه إما يدل على حقيقة ، كأن نقول الشجرة خضراء وهي خضراء ، أو المرأة جميلة وهي كذلك ، وهذا النوع لا عناء فيه ويكثر في كلام الناس ولا يحتاج إلى مزيد بيان ، أو يدل على أمر آخر تجاوز الحقيقة في التعبير به ، كأن تقول " محمد أسد " تريد رجلا شجاعاً ، و " فاطمة كالقمر " تريد وضاءة وجهها ، وهذا ما يعرف بالمجاز لأنك تجاوزت المعنى الحقيقي الموضوع له اللفظ إلى معنى آخر رأيت أنه أكثر توضيحا لغرضك وبيان حاجتك ، ويشترط في المجاز أن يكون هناك علاقة تربط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي .
التشبيه
أول مراتب المجاز هو التشبيه وهو قائم على علاقة المشابهة وهذه العلاقة تسمى وجه الشبه ، وأسلوب التشبيه له أربعة أركان هي :1ـ المشبه 2ـ المشبه به 3ـ أداة التشبيه 4ـ وجه الشبه .
والمشبه هو الركن الضعيف الذي عقدنا التشبيه من اجل تقوية معناه ، فمثلا زيد كالأسد ، هذه جملة أريد أن أقول فيها : زيد شجاع ، ولكن شعرت بان شجاعة زيد أمر غير واضح فأردت أن أقوي الإحساس والفهم بهذه الشجاعة فجئت بلفظ الأسد حيث الشجاعة فيه ظاهرة للقاصي والداني وعقدت التشبيه عليه ، فالأسد مشبه به ، وهكذا في كل أسلوب من أساليب التشبيه يكون المشبه به أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمشبه ( الضعيف ) وهذا هو سر جمال التشبيه ، فإذا كان المشبه به ضعيفا كان التشبيه باهتاً لا رونق له ، فمثلا نحن نعرف أن العقرب إذا لدغ إنساناً فانه يقضي عليه ، فهل إذا أردنا أن نبين شجاعة زيد قلنا زيد كالعقرب ؟ نلاحظ أن هذا التشبيه ضعيف لان العقرب مهين يمكن لأي إنسان أن يدوسه بنعله فيسحقه ، فلا ينظر إلى فعل سم العقرب بل ينظر إلى حقارة جسمه ، وعلى ذلك إذا كانت فاطمة جميلة فكل الفتيات يدعين الجمال ، فإذا أردت أن أبين وضاءة وجهها عقدت تشبيها وجئت بمشبه به تكون صفة الوضاءة فيه قوية لا تنازع فقلت : " فاطمة كالقمر " وهكذا في كل تشبيه يجب أن يكون المشبه به أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمشبه . وهذا سر جمال التشبيه .
الاستعارة
الاستعارة في معناها العام هي تشبيه حذف احد طرفيه ، والعلاقة فيها أيضا هي المشابهة ،
والمشبه به يسمى في الاستعارة : المستعار ، وأما المشبه فيسمى : المستعار له .
الاستعارة التصريحية
فإذا ذكر المشبه به ( القوى ) في العبارة كانت الاستعارة تصريحية وتعريفها : هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به ، ويجب أن نؤكد على كلمة لفظ المشبه به ، وإذا عرفنا انه يجب أن يحذف احد طرفي التشبيه حتى يصبح الأسلوب استعارة فعلى ذلك يجب أن يكون المشبه محذوفا في الاستعارة التصريحية التي يشترط فيها ذكر لفظ المشبه به ( القوي ) نقول : تحدثت مع الأسد ، وجلست مع القمر ، فأصل العبارتين ( فلان كالأسد ، وفلانة كالقمر ) ، حذف المشبه ( فلان – فلانة ) وبقي لفظ المشبه به ( الأسد – القمر ) والذي جعله أسلوب استعاري هو تعاملنا مع لفظ المشبه به كتعاملنا مع المشبه المحذوف ، بمعنى أننا أقمنا المشبه به مكان المشبه فتحدثنا معه أو جلسنا معه ، واعلم أنه لا يجوز أن نتعامل مع المشبه به التعامل الطبيعي الموضوع له أصلا ، فلا أقول شاهدت ، أو اهتديت بالقمر ، كما لا أقول : خفت أو جريت من الأسد ، لان هذه المعاني معاني حقيقية لا تجاوز فيها ( لا مجاز فيها ) أما كون القمر يجلس كما تجلس الفتاة والأسد يتحدث كما يتحدث الإنسان فهذا هو المجاز أي تجاوز الحقيقة والعلاقة في الجملتين هي : (المشابهة ) كما هو معروف ، فإذا أردت أن تصنع استعارة تصريحية فاستدع في ذهنك التشبيه أولاً ، ثم احذف المشبه وتعامل مع لفظ المشبه به تعاملك مع المشبه .
وسر جمال الاستعارة هو : كون المستعار ( المشبه به ) أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمستعار له ( المشبه ) ، أضف إلى سر الجمال التشخيص والتجسيم وما إلى ذلك مما يصاحب الأسلوب ويزيده رونقاً ولكنه ليس أساساً في البناء الاستعاري .
الاستعارة المكنية
وهي التي يحذف فيها المستعار( المشبه به ) القوي ويكنى أو يرمز ( والرمز كناية ) إليه بصفة تدل عليه – مع بقاء المستعار له ( المشبه ) الضعيف في الجملة ، والاستعارة – المكنية – تحتاج إلى إعمال الفكر في استخراجها لخفاء المستعار ( المشبه به ) القوي ( بحذفه ) والاستدلال عليه برمزه أو بصفته ، والاستعارات المكنية كثيرة في الشعر العربي ، وفي الاستعمال الدارج أيضا ، ففي الشعر يقول امرؤ القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع من الهموم ليبتلي
فقـلــت لـه لمـا تمطــى بصلبـــه وأردف أعجازا ونـــاء بكلكــل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلــي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فقد شبه الشاعر الليل بالستارة لما تحدثه الستارة من إظلام ، وحذف المشبه به ( الستارة ) وجاء بصفة تدل عليها وهي الإسدال ، وأيضا شبه الليل بثقله على نفسه بالجمل حين يبرك على الأرض ، وحذف المشبه به ( الجمل ) وذكر بعض صفاته ، وهذه الصفات هي تمطى بصلبه وأردف إعجازا وناء بكلكل ، ومعنى ناء : ضغط والكلكل : دائرة تكون في صدر الجمل يترك ثقله عليها حين يجثم على الأرض ، ولا يخفي أن سر جمال الاستعارة هي في كون المستعار ( المشبه به ) أقوى في الدلالة على الصفة المراد إثباتها للمستعار له ( المشبه ) وهي الإظلام في الأولى – والثقل على نفس الشاعر في الثانية ، يضاف إلى ذلك أنه جسَّم الليل وهو معنى نرى بعض مظاهره ــ الظلام ــ ولا نستطيع الإحاطة به أو لمسه ، بيد أننا نلمس الستارة ونراها ، ومثل ذلك الجمل ، ومن أمثلة الاستعارة المكنية كذلك قول أبي ذؤيب الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
وقول الحجاج بن يوسف الثقفي : " إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها " فقد شبه أبو ذؤيب المنية ( الموت ) بالوحش ولكنه لم يذكر لفظ الوحش بل كنى عنه بصفة من صفاته وهي نشوب الأظفار في الفريسة ، كذلك شبه الحجاج الرؤوس التي تفكر بالفتنة والخروج على الدولة الأموية بالثمر الناضج ، ولكنه لم يذكر لفظ الثمر بل ذكر بعض صفاته وهي الإيناع والقطاف .
وهكذا نقول في كثير من التعبيرات الدارجة مثل : ( ليل حالم ، نهار ظامئ ، رجل مبسوط , الأيام حبلى , الموقف شائك ....الخ ) كلها استعارات مكنية ذكر فيها المستعار له ( المشبه ) وحذف المستعار ( المشبه به ) وبقيت صفة من صفاته دلت عليه فالحلم والظمأ من صفات الإنسان , والبسط والاستواء من صفات السجادة ، والحَبَل ( الحمل ) من صفات الأنثى ، والشوك يكون في بعض الأشجار فيصعب تسلقها وهكذا .
الاستعارة التمثيلية
يلحق بالاستعارة أمر من السهولة بمكان وهو الأمثال ويقال للمثل حين يضرب استعارة تمثيلية مثل : " يقدم رجل ويؤخر أخرى " , " رجع بخفي حنين " و " الصيف ضيعت اللبن " .
فجميع الأمثال استعارات تصريحيه تمثيلية لأنك تشبه المتردد في فكره بالذي يقدم رجل ويؤخر أخرى لعدم ثبات وإحكام أمره ، وهنا حذف المشبه ( الإنسان المتردد ) وذكر المشبه به ( المثل بلفظه )على سبيل الاستعارة التمثيلية التصريحية وهكذا يقال في رجع بخفي حنين شبه الخائب في مسعاه بحنين الذي ذهب يبحث عن ناقته وعاد وفي يده خفيه فقيل له حينها : رجع بخفي حنين , وهو مثل يضرب لكل خائب مسعى فالمشبه الخائب في مسعاه والمشبه به لفظ المثل , نلاحظ أن المثل يجب أن يذكر بلفظه لأنه استعارة تصريحية فيطلق المثل بلفظه لخطاب المفرد أو المثنى أو الجمع ولخطاب المذكر أو المؤنث , فيقال للمرأة : رجع بخفي حنين , ويقال لجمع الرجال: رجع بخفي حنين ، وهذه المحافظة على لفظ المثل هي التي أدخلته باب الاستعارة التصريحية لأن شرطها ذكر المشبه به بلفظه .