ملحمة غزة *
قصيدة للشاعر الدكتور محمد بكر سلمي
إنّ الزّلازل لا تُبقي ولا تَذرُ
لكنّما يُقتفَى من غَزةَ الأثَرُ
من غزةَ البِكْرِ تلهو في جدائِلها
أصابعُ الريحِ في خُطواتِها الخَطرُ
من مَغزَل الشمس تكسو ثوبَها قَشَباً
تَجلو به العينَ مَفتوناً به النظرُ
تَحنُو الضُلوعَ على أبنائِها فَرقَاً
من أن يُصيبَ بنيها المَسُ والضَرَرُ
لكنّما مَاردٌ قد سِيطَ من دَمِهَا
لمَّا هُرِيقَ على اعتَابِهَا القَمَرُ
غَالَ الوُرُودَ وفي ضَاحِي مَنَابِتِهَا
قَصْفٌ من الجَوِّ لا يُبقِي ولا يَذَرُ
أنظُرْ لِغَزةَ قد حَالت مَسَاكِنَهَا
كَومُ الحِجَارَةِ لا عَيْن ولا أَثَرُ
في سَاعَةٍ من نَهَارٍ كُنتُ أَشْهَدُهَا
هَبَّ الجميعُ فَذا يُعطِي وذَا يَذَرُ
قد زَمجَر َالمَاردُ الغَزِّيِّ مُنْتَفِضاً
لا آلةُ الحَربِ تُثنِيهِ ولا الخَطَرُ
هو الفِدَاء ُ الذي قد ثَارَ في دَمِهِ
مَن عَلَّمَ النَّاسَ كيفَ النَصْرُ والظَّفَرُ
لا يَعرِفُ الخوفَ أطفَالٌ لنَا نَبَتُوا
في سَاحَةِ الحَربِ أبطَالٌ لهُم صُوَرُ
من البَسَالَةِ يَحمُونَ الدِّيَار بها
قد أَتقَنُوهَا فَمَا ظَنُّ الأُولَى كَبُرُوا
يُلَقِّنُونَ العِدَا أَصْدَاءَ مَلحَمَةٍ
صَحَتْ الشُّعُوبُ وقد حَارَتْ بها الفِكَرُ
مَنْ أَطْلَعَ الفَجْرَ مِنْ تَفْجِيرِ قُنْبُلَةٍ
وأَظلمَ الليلَ لم يُسْتَأَذَن القَمَرُ
قالوا بِغَزَةَ مِن بَدْرٍ ومِن أُحُدٍ
مِثْلُ الصَّحَابَةِ ذَا بَكْرٌ وذَا عُمَرُ
فمَا يَزَالُ سَؤَالُ النَّاسِ حُنْجُرَةٍ
يشدو بها الحُرُّ مَنْكُوساً لَهَا السُّرُرُ
لكِنَّمَا غَزَةَ الإِصْرَار ِ شَامِخَةٌ
قد كَتَّمَتْ سِرَّهَا الأَنْفَاقُ والحُفَرُ
هيَ الشَهَادُةُ والتَارِيخُ يَكْتُبُهَا
لا يَكْتُمُ السِّرَ تَارِيْخٌ ولا أَثَر
مِن مِنْبَرِ القُدسِ من أطلال أُمْسِيَةٍ
يُدلي بِهَا الشَّاعِرُ الغَزِّيِّ يَبْتَدِر
نشرت هذه القصيدة في ديوان الشعراء العرب ـ لأجلك غزة
عدل سابقا من قبل د. محمد بكر سلمي في الخميس أغسطس 13, 2009 1:00 am عدل 2 مرات