عناصر الشعر العربي
يبدو أن الدوافع الأولى للشعر ارتبطتْ بالسحر والدين والعمل ، حيث ان القصائد الأولى كانت ذات أبعاد أسطورية وحسِّية تشدِّد على الإيقاع، مما يقرِّب تلك القصائد من الطقوس والتراتيل البدائية. كما أن العنصر الخيالي أساس في الشعر ، فالقصيدة بناء حلمي يقوم على تكوين عوالم مدهشة بواسطةاللغة 0 الفرِّق بين الشعر والنثر
يمكن أن نفرِّق بين الشعر والنثر من خلال ثلاثة عناصر:
العنصر الأول : الشعرتعبير لغوي : فيطرأ على اللغة في الشعر تغيير جوهري في الوظيفة، فتغدو بناءً مقصودًا لذاته، فتكفُّ عن كونها أداةً لتصبح غاية؛ أي أنها ليست مجرد وسيلة خطاب، بل تحولت إلى صانعة تخييل وتعجيب ضمن آلية لا يحدِّدها سياقٌ منطقي. تصبح هي ذاتها التكوين الذي نحكم من خلاله على المادة الشعرية. اللغةُ في هذه الشواهد تركتْ دلالاتِها المألوفة جانبًا ودخلت في عملية تركيب تخصُّ الشاعر. لذا فالمبدع هنا يكوِّن جملاً تخصُّه، ويبني مشهدًا يرسم تفاصيلَه وحدوده. فإن في الشعر دائمًا كمًّا طاغيًا من الانزياحات التي تطال الحروفَ والمفرداتِ والجُّمَلَ، تجعله مختلفًا نوعيًّا عن النثر. ويعرِّف عبد القاهر الجرجاني المجاز بأنه : "كل لفظ نُقِل عن موضوعه" (الأسرار ص 53). نلاحظ هنا أن الجرجاني يلامس مصطلح "الانزياح" الذي قال به أصحاب نظريات الشعرية الحديثة؛ وبذلك يكون الجرجاني هو أول من تحدث عن الانزياح وسمَّاه: "نقل اللفظ عن موضوعه". كما يسميه في موضع آخر "الإمالة"، وهو أن يميل اللفظ عن معناه الذي وُضِع له في الأصل. لغة الشعر : لا تصل منها إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكنه يحيلك إلى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض؛ ومدار هذا الأمر على الكناية والاستعارة والتمثيل وهذا الضرب من الكلام يقابل ما نسميه اليوم اللغة الشعرية." أما في النثر : فاللغة وظيفتها إبلاغية وإفهامية ومنطقية وتواصلية للتعبير عن الحاجات في إطارها التبادلي. لغة النثر تصل إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده .
العنصر الثاني الإيقاع: الشعر في العالم عَرَفَ الإيقاع كواحدات موسيقية متناظرة ضمن نظام محسوب ومقيَّد. أما في النثر فإن لكلِّ نص اتجاهًا أوليًّا نحو هدفه. ففي النثر فكرة واضحة ومتسلسلة ومتعاقبة وحرة تمامًا، لأنها أساسًا لا تندفع نحو تهويم ما. إنها لا تنطلق من حالة بناء وجداني؛ لذلك فالرقابة والسيطرة العقلية والتنظيم مرافقة لها.
العنصر الثالث الحالة: إن لكلِّ نص اتجاهًا أوليًّا نحو هدفه. ففي النثر الفكرة واضحة ومتسلسلة ومتعاقبة وحرة تمامًا، لأنها أساسًا لا تندفع نحو تهويم ما. إنها لا تنطلق من حالة بناء وجداني؛ لذلك فالرقابة والسيطرة العقلية والتنظيم مرافقة لها. أما في الشعر فنحن أمام حالة مستقلة تمامًا. فحتى عندما نقرأ الشعر نضع أنفسنا ضمن الحالة الشعرية، نبطئ ونتوحد ونتأمل وننتظر الدخول في سماوات اللغة الشعرية. والشاعر، عندما يكتب، يكون في الحالة الشعرية التي لا يمكن توقيتها أو تصنيعها، حيث لا تولد القصيدة إلا عندما تسيطر على الشاعر حالةٌ كاملة، نفسية وعضوية، تدفعه إلى التعامل مع اللغة كأنها تمائم تقال في كهف أو معبد. في النثر ننطلق مسرعين: تتكامل الفكرة، نتتبعها غير آبهين بالأدوات، إلا من حيث أداؤها للمعنى. في الشعر نتباطأ ونتوقف وسط اندهاش من البناء اللغوي نفسه وما يحويه من طاقة تخييل وتجسيد وتجريد معًا. [/size][/size][/b]
يبدو أن الدوافع الأولى للشعر ارتبطتْ بالسحر والدين والعمل ، حيث ان القصائد الأولى كانت ذات أبعاد أسطورية وحسِّية تشدِّد على الإيقاع، مما يقرِّب تلك القصائد من الطقوس والتراتيل البدائية. كما أن العنصر الخيالي أساس في الشعر ، فالقصيدة بناء حلمي يقوم على تكوين عوالم مدهشة بواسطةاللغة 0 الفرِّق بين الشعر والنثر
يمكن أن نفرِّق بين الشعر والنثر من خلال ثلاثة عناصر:
العنصر الأول : الشعرتعبير لغوي : فيطرأ على اللغة في الشعر تغيير جوهري في الوظيفة، فتغدو بناءً مقصودًا لذاته، فتكفُّ عن كونها أداةً لتصبح غاية؛ أي أنها ليست مجرد وسيلة خطاب، بل تحولت إلى صانعة تخييل وتعجيب ضمن آلية لا يحدِّدها سياقٌ منطقي. تصبح هي ذاتها التكوين الذي نحكم من خلاله على المادة الشعرية. اللغةُ في هذه الشواهد تركتْ دلالاتِها المألوفة جانبًا ودخلت في عملية تركيب تخصُّ الشاعر. لذا فالمبدع هنا يكوِّن جملاً تخصُّه، ويبني مشهدًا يرسم تفاصيلَه وحدوده. فإن في الشعر دائمًا كمًّا طاغيًا من الانزياحات التي تطال الحروفَ والمفرداتِ والجُّمَلَ، تجعله مختلفًا نوعيًّا عن النثر. ويعرِّف عبد القاهر الجرجاني المجاز بأنه : "كل لفظ نُقِل عن موضوعه" (الأسرار ص 53). نلاحظ هنا أن الجرجاني يلامس مصطلح "الانزياح" الذي قال به أصحاب نظريات الشعرية الحديثة؛ وبذلك يكون الجرجاني هو أول من تحدث عن الانزياح وسمَّاه: "نقل اللفظ عن موضوعه". كما يسميه في موضع آخر "الإمالة"، وهو أن يميل اللفظ عن معناه الذي وُضِع له في الأصل. لغة الشعر : لا تصل منها إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكنه يحيلك إلى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض؛ ومدار هذا الأمر على الكناية والاستعارة والتمثيل وهذا الضرب من الكلام يقابل ما نسميه اليوم اللغة الشعرية." أما في النثر : فاللغة وظيفتها إبلاغية وإفهامية ومنطقية وتواصلية للتعبير عن الحاجات في إطارها التبادلي. لغة النثر تصل إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده .
العنصر الثاني الإيقاع: الشعر في العالم عَرَفَ الإيقاع كواحدات موسيقية متناظرة ضمن نظام محسوب ومقيَّد. أما في النثر فإن لكلِّ نص اتجاهًا أوليًّا نحو هدفه. ففي النثر فكرة واضحة ومتسلسلة ومتعاقبة وحرة تمامًا، لأنها أساسًا لا تندفع نحو تهويم ما. إنها لا تنطلق من حالة بناء وجداني؛ لذلك فالرقابة والسيطرة العقلية والتنظيم مرافقة لها.
العنصر الثالث الحالة: إن لكلِّ نص اتجاهًا أوليًّا نحو هدفه. ففي النثر الفكرة واضحة ومتسلسلة ومتعاقبة وحرة تمامًا، لأنها أساسًا لا تندفع نحو تهويم ما. إنها لا تنطلق من حالة بناء وجداني؛ لذلك فالرقابة والسيطرة العقلية والتنظيم مرافقة لها. أما في الشعر فنحن أمام حالة مستقلة تمامًا. فحتى عندما نقرأ الشعر نضع أنفسنا ضمن الحالة الشعرية، نبطئ ونتوحد ونتأمل وننتظر الدخول في سماوات اللغة الشعرية. والشاعر، عندما يكتب، يكون في الحالة الشعرية التي لا يمكن توقيتها أو تصنيعها، حيث لا تولد القصيدة إلا عندما تسيطر على الشاعر حالةٌ كاملة، نفسية وعضوية، تدفعه إلى التعامل مع اللغة كأنها تمائم تقال في كهف أو معبد. في النثر ننطلق مسرعين: تتكامل الفكرة، نتتبعها غير آبهين بالأدوات، إلا من حيث أداؤها للمعنى. في الشعر نتباطأ ونتوقف وسط اندهاش من البناء اللغوي نفسه وما يحويه من طاقة تخييل وتجسيد وتجريد معًا. [/size][/size][/b]
عدل سابقا من قبل د. محمد بكر سلمي في الخميس أغسطس 13, 2009 8:50 pm عدل 3 مرات