طريق الريادة في الأدب
إلى كل محبٍ للأدب ، وكل متطلعٍ للريادة فيه ، أقول :
لا يوجد أعظم من القرآن كتاباً يقرأ ، ولا أرفع من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حديثاً يؤثر ، ولا أعلى من سيرة الصحابة هدياً يسترشد بها ، وقد خاطب الله العرب بالقرآن ، وهم أرباب البلاغة وفرسان الكلام ، تجري الفصاحة منهم على السليقة ؛ ( والسليقة تعني : أن اللغة تسيل على ألسنة العرب الأميين دون تعلم )، فكل ما ينطقون حجة ، فهموا القرآن وعرفوا خطره ، وكان لكل قبيلة من قبائل العرب لهجة قد يخفى بعضها على القبائل الأخرى ، وقد نزل القرآن على سبعة أحرف ـ أي لهجات ـ ، قال ابن عباس : ما علمت معنى قول الله تعالى " فاطر السموات والأرض " حتى اختصم عندي أعرابيان في بئر ، فقال الأول : أنا حفرتها ، وقال الآخر : وأنا فطرتها ، أي ابتدأت حفرها ، وقال أيضاً ما فهمت معنى الوراء حتى شكت لي امرأة أولادها فقالت : إن لي ثلاثة من الولد وخمسة من الوراء ( أي ولد الولد ) ، وقال عمر بن الخطاب لحراس الأسرى ـ وكانوا من قبيلة ثقيف ـ أدفئوا الأسرى ، فقتلوهم ، فكلمة أدفئوا عند قريش تعني إشعال النار من أجل الإدفاء ، وهي عند ثقيف بمعنى اقتلوا .
ولما انتشر الإسلام في بقاع الأرض ودخل فيه أمم كثيرة من غير العرب ، كانت الحاجة إلى ضبط اللغة التي نزل بها القرآن ، فوجدت علوم العربية ، ثم احتاج المسلمون في العصور المتأخرة إلى تفسير القرآن وتبسيط القواعد ، وخرج من يخاطب طلاب الأدب بأن يطَّلعوا على أشعار العرب وآدابهم ، قال ابن خلدون مخاطباً أهل القرن السادس الهجري : من أراد أن يكون عالماً فليتقن علماً واحداً ، ومن أراد أن يكون أديباً فليأخذ من كل علم بطرف ، من هنا جاءت الدعوة للتوسع الأفقي في العلوم للأدباء ، ولا يعني ذلك إبعادهم عن القرآن والعلوم الشرعية ؛ فإن جميع العلوم والمعارف وجدت في الأساس لخدمة القرآن وعلومه .
إن معرفة هذه العلوم هي التي تولد عند أدباء العصور المتأخرة ما يسمى الملكة ، وهي وسيلتنا نحن المتأخرون لإبداع الأدب ؛ ( والملكة تعني أن نأتي باللغة والأدب على طريقة العرب بالتعلم ) ، ولو كان الاكتفاء بالقرآن والحديث دون العلوم الأخرى صحيحا لما أفنى العلماء أعمارهم في العلوم الموصلة لهما، كعلوم الحديث والرجال، وعلوم البلاغة والشعر، وعلوم الفقه والأصول ، والله تعالى أعلى وأعلم .
إلى كل محبٍ للأدب ، وكل متطلعٍ للريادة فيه ، أقول :
لا يوجد أعظم من القرآن كتاباً يقرأ ، ولا أرفع من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حديثاً يؤثر ، ولا أعلى من سيرة الصحابة هدياً يسترشد بها ، وقد خاطب الله العرب بالقرآن ، وهم أرباب البلاغة وفرسان الكلام ، تجري الفصاحة منهم على السليقة ؛ ( والسليقة تعني : أن اللغة تسيل على ألسنة العرب الأميين دون تعلم )، فكل ما ينطقون حجة ، فهموا القرآن وعرفوا خطره ، وكان لكل قبيلة من قبائل العرب لهجة قد يخفى بعضها على القبائل الأخرى ، وقد نزل القرآن على سبعة أحرف ـ أي لهجات ـ ، قال ابن عباس : ما علمت معنى قول الله تعالى " فاطر السموات والأرض " حتى اختصم عندي أعرابيان في بئر ، فقال الأول : أنا حفرتها ، وقال الآخر : وأنا فطرتها ، أي ابتدأت حفرها ، وقال أيضاً ما فهمت معنى الوراء حتى شكت لي امرأة أولادها فقالت : إن لي ثلاثة من الولد وخمسة من الوراء ( أي ولد الولد ) ، وقال عمر بن الخطاب لحراس الأسرى ـ وكانوا من قبيلة ثقيف ـ أدفئوا الأسرى ، فقتلوهم ، فكلمة أدفئوا عند قريش تعني إشعال النار من أجل الإدفاء ، وهي عند ثقيف بمعنى اقتلوا .
ولما انتشر الإسلام في بقاع الأرض ودخل فيه أمم كثيرة من غير العرب ، كانت الحاجة إلى ضبط اللغة التي نزل بها القرآن ، فوجدت علوم العربية ، ثم احتاج المسلمون في العصور المتأخرة إلى تفسير القرآن وتبسيط القواعد ، وخرج من يخاطب طلاب الأدب بأن يطَّلعوا على أشعار العرب وآدابهم ، قال ابن خلدون مخاطباً أهل القرن السادس الهجري : من أراد أن يكون عالماً فليتقن علماً واحداً ، ومن أراد أن يكون أديباً فليأخذ من كل علم بطرف ، من هنا جاءت الدعوة للتوسع الأفقي في العلوم للأدباء ، ولا يعني ذلك إبعادهم عن القرآن والعلوم الشرعية ؛ فإن جميع العلوم والمعارف وجدت في الأساس لخدمة القرآن وعلومه .
إن معرفة هذه العلوم هي التي تولد عند أدباء العصور المتأخرة ما يسمى الملكة ، وهي وسيلتنا نحن المتأخرون لإبداع الأدب ؛ ( والملكة تعني أن نأتي باللغة والأدب على طريقة العرب بالتعلم ) ، ولو كان الاكتفاء بالقرآن والحديث دون العلوم الأخرى صحيحا لما أفنى العلماء أعمارهم في العلوم الموصلة لهما، كعلوم الحديث والرجال، وعلوم البلاغة والشعر، وعلوم الفقه والأصول ، والله تعالى أعلى وأعلم .